الاثنين، 9 نوفمبر 2009

بحبك يا حمار

بحبك يا حمار
رشيد نيني

في صحافة هذه الأيام أخبار غريبة بالفعل. في فاس مثلا انطبق على عمال الولاية المثل القائل «هبش تجبد حنش»، فقد شرعوا في نبش حديقة فوجدوا أنفسهم بصدد نبش مقبرة. هناك من يتحدث عن تدشين مشاريع هيكلية كبيرة في فاس هذه الأيام، وهناك من يتحدث عن اكتشاف هياكل عظمية كثيرة في فاس هذه الأيام. المشكلة أن هذه المقبرة الجماعية جاءت في وقت تحتفل فيه فاس بذكرى تأسيسها.
ورغم ذلك ففكرة الاحتفال بالذكرى 1200 لتأسيس فاس واحدة من الأفكار النيرة التي ستعيد الاعتبار لواحدة من أجمل المدن العالمية وأعرقها. وبما أنه «حتى زين ماخطاتو لولا»، فقد جاء خبر اكتشاف مقبرة جماعية تحت حديقة جنان السبيل ترقد بها بقايا هياكل عظمية ليعيد إلى الأذهان الأحداث الأليمة التي عرفتها المدينة سنة 1990. فيبدو أن العمدة شباط كان يريد أن يقلب تراب الحديقة ليزرع تحتها نباتاته المستوردة، فإذا به ينتهي بتقليب مواجع الفاسيين.
وبالنسبة لمنتدى الحقيقة والإنصاف فالمقبرة تعود لضحايا انتفاضة 1990. أما بالنسبة للعدالة التي تكلفت بالملف فيجب انتظار تقرير الشرطة العلمية للحسم في طبيعة العظام، هل هي بشرية أم حيوانية. أما بالنسبة لحميد شباط عمدة المدينة، فهاتفه ظل خارج التغطية. وربما بالنسبة إليه فالمقبرة الجماعية تذكره بأيام عبد الرزاق أفيلال الذي أطاح به من عرش النقابة وحزب الاستقلال، رغم الكلاب التي استعان بها أفيلال للدفاع عن مقر نقابته في الدار البيضاء.
والغريب في أمر شباط هو صمته المطبق بخصوص هذا الاكتشاف الهيكلي لمقبرة فاس، هو الذي بنى كل «مجده» الانتخابي على «نضاله» النقابي في تلك الفترة العصيبة. بل كان يذهب إلى أبعد من ذلك ويقول لناخبيه أنه اعتقل خلال إضراب 1990 عندما كان نقابيا بالشركة المغربية للصناعات الميكانيكية. والتي سيغادرها، ومعها سيغادر تاسيكليست، نحو رئاسة جماعة زواغة مولاي عقوب، تاركا الشركة تواجه الخوصصة وبالتالي الإفلاس مع نهاية التسعينات.
قليل من التاريخ إذن لن يقتل أحدا. لنتذكر...
كان يا مكان في سالف العصر والأوان، نقابة عمالية يتزعمها رجل اتحادي اسمه الأموي انتهى الآن بلا رفاق، ونقابة أخرى يتزعمها رجل استقلالي يقال له أفيلال انتهى الآن أمام المحاكم في ملفات لها علاقة بالاختلاس. دعيا معا الطبقة العاملة إلى شن إضراب عام عن العمل. وعوض أن يسفر الإضراب العام عن تحقيق مطالب الطبقة العمالية، أسفر عن قتلى في الشوارع سقطوا تحت رصاص الجيش ورجال الدرك الملكي.
وخرج الوزير الأول آنذاك الراحل المعطي بوعبيد وقال أن ضحايا الإضراب وصل عددهم إلى أربعين قتيلا. قبل أن «يدير الملحة فالطعام» ويتراجع عن الرقم الذي قدمه ويكتفي بخمسة قتلى.
وإذا كان المعطي بوعبيد قد اعترف بخمسة قتلى، فإن وكالة المغرب العربي للأنباء، وجريا على عادتها، نفت سقوط ضحايا، واعترفت بالمقابل بسقوط جرحى بين رجال الدرك استدعت حالتهم الحرجة نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وهذه عادة متأصلة في وكالة أنبائنا الرسمية. فحتى في عز الحرب في الصحراء كنا نسمع عن تكبيد قواتنا المسلحة للعدو خسائر فادحة في العتاد والأرواح. وعندما وضعت الحرب أوزارها، اكتشفنا أن العدو يحتفظ في سجونه بمئات الأسرى المغاربة الذين لم نسمع عنهم خبرا واحدا طيلة سنوات من الحرب.
والواقع أن ضحايا الإضراب كانوا بالمئات. تفرق دمهم بين المدن ودفن أغلبهم في مقابر جماعية مجهولة. لعل مقبرة جنان السبيل إحداها. وما يثيرني شخصيا في مثل هذه المقابر هو روح السخرية التي يتمتع بها المسؤولون الذين قد يكونون أعطوا الأمر بدفن جثث الضحايا تحت تراب حديقة سيتم وضعها ضمن قائمة التراث العالمي للإنسانية.
والصحافة هذه الأيام ليس فيها سوى أخبار المقابر الجماعية. بل فيها أخبار سارة أيضا. ولعل الخبر الذي سرني شخصيا هو أن المهندس مرتضى الذي صدر في حقه حكم بالسجن لثلاث سنوات بتهمة انتحال صفة الأمير مولاي رشيد، قد تحقق حلمه الذي من أجله انتحل صفة الأمير. ورغم قساوة الحكم الذي صدر ضده فعلى المهندس الشاب أن يكون سعيدا لأن هناك اليوم شابة فرنسية اسمها سيمون عمرها أربع وعشرون سنة تخوض اليوم حربا إلكترونية من أجل إطلاق سراحه.
وهكذا يكون حلم المهندس مرتضى الذي بسببه دخل السجن قد بدأ يتحقق. فقد اعترف أمام المحكمة أنه انتحل صفة الأمير في «الفايس بوك» من أجل التعرف على فتاة. هاهي الفتاة إذن هي التي تبحث عن مرتضى اليوم، وقد اختارت اليوم العالمي للمرأة لكي تدافع عن قضية رجل. ووجهت رسالة للنظام المغربي تطلب فيها منه إطلاق سراح المهندس فؤاد مرتضى.
وبالإضافة إلى الأخبار الحزينة والأخبار السارة، هناك الأخبار الطريفة. واحد نشرناه بالأمس حول انتشار داء «اللشمانيا» (غير سميتو كتخلع). لكن يبدو أن هذا الداء الذي تقول مصادر من زاكورة أنه أصاب المئات، لا يبدو أنه يخيف مندوب الصحة بالمنطقة. فقد قال سعادة المندوب بأن «اللشمانيا داء غير معد ولا يدعو إلى القلق».
ولا نعرف حقيقة متى سيدعو هذا الداء إلى القلق، ربما عندما ستصل أسراب إناث البعوض المسببة للإصابة إلى مشارف الرباط. وفي مقابل مواجهة سكان زاكورة لهذا المرض الجلدي الذي توجد وراءه بصمات الفئران المنتشرة بكثرة في المنطقة، نرى كيف تستعد اللجنة الصحية لدعم لبنان وفلسطين لجمع خمسة أطنان من الأدوية للفلسطينيين. ونحن إذ نشد على أيدي الواقفين وراء هذه المبادرة الإنسانية، خصوصا في هذه الأزمنة الصعبة التي يعيشها إخواننا الفلسطينيون في غزة، نتمنى من هذه اللجنة أن تكمل خيرها وأن تخصص حملة ثانية بعد حملة الخمسة أطنان من الأدوية لفلسطين، يكون الهدف منها جمع طن أو طنين من الأدوية المضادة لهذا المرض الجلدي الذي يهدد سكان زاكورة.
وعلى ذكر محنة إخواننا في فلسطين المحتلة، قرأت اليوم خبرا طريفا يتحدث عن تنظيم مسيرة احتجاجية تنديدا بالحصار على غزة شاركت فيها إلى جانب المثقفين قطعان من الماعز والأغنام والجمال والحمير. وفي الصورة المرفقة بالمقال نقرأ في لافتة معلقة إلى رقبة أحد الجمال المشاركة في المسيرة «نداء الحيوانات من أجل حقوق الإنسان».
وقد قرأ المشاركون في المسيرة رسالة مليئة بالسخرية موجهة للأمين العام الأممي يطلبون منه فيها باسم حقوق الحيوان التي يحرص عليها المنتظم الدولي أكثر من حقوق الفلسطينيين، أن يتدخل لإنقاذ غزة.
والمؤسف في هذا الخبر هو أن هناك في فلسطين المحتلة من يسمح للحيوانات بالتظاهر ضد الاحتلال، بينما في المغرب يضربون ويعتقلون كل بني آدم يخرج ليتضامن مع غزة.
ودعونا نختم بخبر طريف من مصر بطله هذه المرة هو الحمار. وبالضبط أغنية تحمل اسمه للمغني الشعبي سعد الصغير اسمها «بحبك يا حمار». فقد تسببت هذه الأغنية في حالات طلاق عديدة، آخرها طلاق عريس مصري فوجئ ببث أغنية «بحبك ياحمار» وهو يستعد للرقص مع عروسه التي أخذت تشده من ربطة عنقه وتجره وسط المدعوين وتردد كلمات الأغنية وهي تضحك. فانسحب العريس من الصالة غاضبا وطلب وقف الأغنية. لكنه تفاجأ عندما عرف أن منسق الأغاني وضع أغنية «بحبك ياحمار» بناء على طلب عروسه. فما كان من العريس إلا أن تناول المايكروفون وطلق عروسه الطلاق الثلاث أمام الملأ.
وليست أغنية «بحبك يا حمار» هي الأغنية الوحيدة المشهورة حاليا في مصر، بل هناك أغنية أخرى تنافسها على الشهرة للمغني الشعبي شعبولا اسمها «ما بحبش الكراسي» تنتشر في مواقع الإنترنيت مرفقة بصورة لحسني مبارك وتحتوي على تلميح لطول بقاء الرئيس على كرسي الحكم.
ويقول شعبولا أنه يفضل الجلوس فوق الأرض لأن الجلوس فوق الكراسي طويلا يسبب آلاما شديدة في الظهر. وليس فقط آلام الظهر، فحسب الأخصائيين فطول الجلوس يسبب البواسير أيضا. الله ينجينا وينجيكم منها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق