الجمعة، 13 نوفمبر 2009

أسعد الله صباحكم

أسعد الله صباحكم

صباح الخير يا عروة بن الورد، يا شاعري المفضل، بفضلك تعلمت أن لا أؤجل غضب اليوم إلى الغد.
صباح الخير أيها القضاة الذين غضبوا من سخريتي وأرادوا إغلاق فمي إلى الأبد. من دونكم لم أكن لأفهم أن الحقيقة يمكن أن تكون أحيانا موجعة مثل قلع الأضراس في عيادة طبيب مبتدئ.
صباح الخير لكل الذين فكروا في مقاضاتي خلال هذه السنة ولم يفعلوا، بفضلكم تعلمت كيف أعيش في بلادي كأي متهم يتمتع بالسراح المؤقت، وتعلمت كيف أكتب كل صباح كما لو كنت أعترف بالحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة أمام ثلاثين مليون قاض.
صباح الخير لكل أعدائي، من دونكم لم أكن لأفهم أنكم ضروريون أكثر من الأصدقاء أحيانا.
صباح الخير لكل أصدقائي، من دونكم لم أكن لأعرف أن بعضكم أخطر على الإنسان من طرف صابونة مبللة في الحمام.
صباح الخير لنبتة الصبار في محبق النافذة، بفضلك تعلمت أن أكبر بصمت وأن أرعى أشواكي وأن أحيا في الضوء واضحا كفاتورة الكهرباء.
صباح الخير لكل بنات الشوارع، بفضلكن أدركت أن ليس هناك في هذه البلاد ما هو أكثر مرارة من الخبز، ولا ما هو أكثر قسوة من الوطن، ولا ما هو أكثر تفاهة من بعض أشباه الرجال.
صباح الخير لكل الجنرالات، بفضلكم فهمنا لماذا يحب بعضكم الإقامة على شاطئ البحر عوض الإقامة في خنادق الرمال، والجري وراء رخص الصيد في أعالي البحار عوض الجري وراء الانتصارات في أعالي الكثبان الرملية.
صباح الخير أصدقاءنا الوزراء، سامحونا، لقد قسونا عليكم طيلة الوقت ولم نول سعادتكم الاحترام اللائق بكم، من دونكم لم نكن أبدا لنفهم عمق تلك الحكمة التي تقول «النوم والكسل أحلى من العسل».
صباح الخير السيد مزوار، أقنعتنا جميعا أن سياسة سابقك فتح الله والعلو كانت «مصيبة»، وأن كل شيء في هذه البلاد صالح للبيع، بما في ذلك مستقبلنا.
سنة سعيدة السيد حجيرة، ونصرك الله في حربك ضد البناء العشوائي، بفضلك فهمنا أن حلاوة اللسان أفضل سياسة للبقاء وزيرا مدى الحياة.
صباح الخير السيدة ثريا جبران، كل تدشين وسعادتكم بألف حجر أساس، بفضلك صححنا بيت ذلك الشاعر الغبي الذي قال: ما كل ما يتمناه المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ليصبح: كل ما يتمناه المرء يدركه، تجري السفن (في المغرب) حتى من دون حاجة إلى رياح.
صباح الخير السيد غلاب، بفضلك فهمنا أن حوادث السير لا يمكن أبدا القضاء عليها في هذه البلاد، ببساطة لأن دخولك إلى الحكومة كان مجرد حادثة سير في الطريق غير السيار للحزب.
صباح الخير الجنرال العنيكري، بفضلك أصبحت مدننا آمنة لا مكان فيها سوى للصوص الكبار الذين يقطعون صناديقنا إلى أطراف أمام أنظاركم. بفضلكم تعلمنا أن لا نثق في سيارات الشرطة ولا في دراجات الشرطة ولا في مخافرهم، بفضلكم تعلم المواطنون ألا يثقوا سوى بجيوبهم ومعارفهم في الوزارات، فهذا هو جهاز الأمن الحقيقي الذي أصبح يثق به الناس في هذه البلاد.
صباح الخير السيد اليازغي، بفضلك عرفنا أن هناك في الحكومة حقيبة فارغة يتقاضى حاملها أكثر من كل حاملي الحقائب الأخرى الممتلئة.
صباح الخير يا أيها الرفيق القديم أحمد حرزني، يا مؤسس حركة «لنخدم الشعب» أيام النضال، بفضلك عرفنا أن الفرق بين الثورة والثروة، والشعب والعشب لا يوجد سوى في النطق.
صباح الخير يا عباس الفاسي، بفضلك فهمنا أن أفضل طريقة للدفاع عن الحكومة هي الهجوم، خصوصا الهجوم على الصحافة.
صباح الخير يا وزيرة الصحة، لولا ابتسامتك الواسعة لما عرفنا أهمية معجون الأسنان في هذه الحياة.
صباح الخير السيد فؤاد عالي الهمة، بفضلك أصبح كل المغاربة يعتنقون المذهب الشيعي ويرون فيك المهدي المنتظر الذي جاء ليصلح للبرلمان والحكومة أمورهما. مع فارق بسيط هو أن المهدي المنتظر عند الشيعة سيرسله الله، فيما أنت أرسلك القصر.
صباح الخير أيها البرلمان، لكم تبدو فارغا وهادئا كأن على كراسيك الطير. طيور كبيرة تلبس جلابيب بيضاء تشبه اللقالق المهاجرة.
صباح الخير يا حيوانات حديقة تمارة، حتى أنت طمعوا في أرضك. صبرا جميلا يا أسد الأطلس الذي سقطت أنيابه. بفضلك تعلمنا أن الأسود عندما تشيخ ترقص القردة فوق رؤوسها.
صباح الخير منير الماجدي، يا مالك أدغال اللوحات الإشهارية. امنحنا لوحتين في قلب العاصمة نكتب فيها مجانا لأسبوع «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين». وسيجزيك الله عليها من فضله يوم لا ظل إلا ظل عرشه.
صباح الخير أيها العائدون من البلدان الباردة والبعيدة إلى شمس الوطن الدافئة، لولا إطلالتكم القصيرة هذه لأصيب بنك المغرب بالقبض.
صباح الخير أيها المهاجرون السريون، يا إخواننا في الغربة، بفضلكم تعيش عائلات كثيرة مستورة من دونكم كانت عوراتها ستنكشف أمام الوطن.
صباح الخير أيها الكادحون، لولاكم لما عرفنا أن عقب سيجارة تافه يمكن أن يقرر في مصير أبنائكم، وأن باب النجاة الوحيد الذي يجب أن يتذكر المرء مكانه دائما هو باب ميناء طنجة.
صباح الخير يا وطني، قسوت علينا فأحببناك أكثر
طردتنا فتشبثنا بثيابك مثلما يتشبث طفل بتلابيب أبيه
ضربتنا فقبلنا يديك
تخليت عنا فطوقناك بأذرعنا
وعندما شعرت بالتعب وحاصرك اللصوص وقطاع الطرق لم ننتظر أن تستنجد بنا لأننا كنا دائما إلى جانبك قف على قدميك وواصل سيرك يا وطني، ضمد جراحك وأسند جسدك إلى أكتافنا
نحن أبناؤك الطيبون، أطفالك الكثيرون الذين كبروا من حولك دون أن تفطن للأمر نحبك ونسقط في طريقك لتسير فوق أجسادنا نحو المستقبل دائما جميلا وشهما ومليئا بالكبرياء...

0 التعليقات:

إرسال تعليق