الجمعة، 15 يناير 2010

هوانم غاردن سيتي

شـــوف تـــشـــوف

هوانم غاردن سيتي
رشيد نيني
بعد الدبلوماسية الرجالية التي يقوم بها عباس ووزراؤه، ها نحن نرى كيف أن عباس يخترع نوعا جديدا من الدبلوماسية يمكن أن نطلق عليه اسم دبلوماسية «الهوانم». وهكذا ظهر إلى الوجود بفضل وكالة الأنباء الكويتية النصف الثاني لعباس الفاسي في أول نشاط دبلوماسي له خارج المغرب. واكتشفنا أن السيدة أم البنين الفاسي، ابنة علال الفاسي وحرم عباس الفاسي، قد قادت مؤخرا وفدا مكونا من «هوانم» السادة الوزراء المغاربة الذين يشتغلون مع زوجها إلى الكويت للنزول ضيوفا على أميرها المفدى. ويتكون الوفد الذي قادته حرم عباس الفاسي من زوجة وزير الداخلية شكيب بنموسى، وزوجة وزير السياحة محمد بوسعيد، وسعدة بلافريج زوجة الوزير بدون حقيبة محمد اليازغي، وأحلام بنعصمان، زوجة الوزير السابق أحمد عصمان، وزوجات وزراء آخرين. وحسب ما جاء في قصاصة وكالة الأنباء الكويتية، فقد عبرت أحلام، زوجة عصمان، عن سعادتها الشديدة بلقاء الأمير الكويتي، وأشادت بالحنكة السياسية التي يتميز بها سموه، كما أشادت بسعة صدره. ويعتبر هذا التصريح الصحافي أول «خرجة» دبلوماسية للسيدة أحلام، التي تجمعها علاقة عمومة بعصمان قبل أن تجمعه بها علاقة زواج. وهكذا ففي الوقت الذي أخذ فيه عصمان تقاعده السياسي، بحكم سنه الذي يقارب الثمانين سنة، نلاحظ أن السيدة حرمه تراودها «أحلام» دبلوماسية واعدة. وهي أحلام مشروعة طبعا، مادامت السيدة أحلام في مقتبل العمر ولم تتخط الأربعين بعد. وقد كانت بدأت في تحقيق هذه الأحلام عندما صارت تتحكم في دواليب حزب الأحرار حين كان عصمان لا يزال أمينا عاما عليه. لكن قبضتها المرهفة على الحزب سترتخي عندما سيتم سحب البساط من تحت أقدام عصمان لصالح خلفه المنصوري. كما أن سعدة بلافريج، زوجة حامل «الصاكاضو الخاوي» في حكومة عباس، السيد محمد اليازغي، لم يكن لها أي ظهور رسمي قبل رحلة الكويت الميمونة. وآخر تعليق سياسي لها كما تناقلته الألسن المقربة كان عندما تم تعيين وزراء حكومة عباس الفاسي ولم يظهر اسم أي من أبنائها ضمن لائحة الأسماء سعيدة الحظ التي دونها المستشار الملكي مزيان بلفقيه في لائحته التي سلمها لعباس في المسجد بفاس ليلة «سيدنا قدر» المعلومة. وما زاد الطين بلة هو سقوط ولديها في الانتخابات البرلمانية رغم ترشيحهما في مدن كانت إلى وقت قريب معاقل للاتحاديين. فقالت سعدة بلكنتها الفاسية الغاضبة «كيتي كية أسيدي محمد، ولادي ضاعو». ومن حق مدام سعدة بلافريج أن تقول لزوجها اليازغي أن أولادها ضاعوا، لأنهم في تلك الأوساط البورجوازية التي تشبه الأوساط التي تحدث عنها مسلسل «هوانم غاردن سيتي» المصري، يعتبرون عدم حصول أبنائهم على وزارة أو سفارة ضياعا لمستقبلهم السياسي والدبلوماسي. ولعله من المفيد التذكير بأنه من حق زوجات الوزراء الحاليين أو السابقين أن يسافرن في رحلات منظمة لزيارة أمراء الخليج العربي، وتبادل كلمات المجاملة حول سعة صدور هؤلاء الأمراء «المحنكين» وكرم ضيافتهم، مادامت تكاليف الرحلات ليست على ظهر جيوب دافعي الضرائب. وهذا هو السؤال الذي نود طرحه على منظمي هذه الرحلة الدبلوماسية، هل كانت الرحلة على حساب منظماتها، أي أن «عيلات الوزارا دارو ضارت» وجمعن ثمن الرحلة وثمن «الكاضو» الذي قدمته أم البنين لسمو الأمير باسمهن جميعا. أم أن تكاليف الرحلة الميمونة كانت على حساب ميزانية الوزارة الأولى، أي على حساب الشعب الذي لم تشرك «هوانم غاردن سيتي» أي واحدة من جمعياته الحقوقية «الكحيانة» للمثول بين يدي سمو الأمير. وحسب قصاصة وكالة الأنباء الكويتية، فقد قدمت أم البنين لسمو الأمير هدية بالمناسبة، كما تلقت نساء الوفد هدايا من الأمير الكويتي لم تفصح وكالة الأنباء الكويتية عن قيمتها أو نوعها. على العموم مبروك «الكاضو». فقط من باب الشفافية نريد أن نعرف نوعية هذا «الكاضو» وقيمته، وهل ستحتفظ به زوجات الوزراء لأنفسهن أم أنهن سيمنحنه لعباس الفاسي لكي يزين به ديوان وزارته. ولعل ما يجمع بين أغلب نساء الوزراء اللواتي شكلن وفد «هوانم غاردن سيتي»، كونهن لا يقمن بأي شغل رسمي أو خاص. فأغلبهن ربات بيوت. عدا زوجة الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، الطاهري الجوطي التي تشتغل كمهندسة معمارية، والتي كانت فازت بصفقة تصميم بناء جامعة بسلا على عهد وزير التعليم نجيب الزروالي. وأين ذهب السي نجيب الزروالي بعد مغادرته للحكومة يا ترى، لقد ذهب على عهد الطيب الفاسي الفهري الذي كان يشغل منصب كاتب للدولة في الخارجية، سفيرا للمغرب بتونس. «فهمتو شي حاجة» ؟ وربما يكون الدافع إلى تنظيم هده الرحلة الميمونة هو إحساس «الهوانم» بالملل في بيوتهن، خصوصا بعد أن كبر الأولاد وصاروا قادرين على التحليق بأجنحة آبائهم. ولذلك قررن تغيير الجو قليلا وتكليف صديقتهن زوجة السفير الكويتي بالمغرب بترتيب رحلة إلى الكويت برئاسة زوجة الوزير الأول عباس الفاسي. فيبدو أن أم البنين تضايقت مما نشرته إحدى الصحف من كون رحلتها إلى جانب زوجها عباس إلى «لاندوشين» قبل شهرين كانت على حساب ميزانية الوزارة الأولى، التي لم تنتظر حتى يجف الحبر الذي كتب به الخبر وبادرت إلى إرسال بيان حقيقة توضح فيه أن تكاليف رحلة أم البنين «السياحية» كانت على حسابها الخاص. ولا بد أن أمراء ومسؤولي الكويت، وجيرانهم السعوديين، سيستخلصون من زيارة هذا الوفد المشكل من زوجات الوزراء دروسا كثيرة. خصوصا بالنسبة للسعودية التي لا يسمح فيها للمرأة حتى بقيادة سيارتها فبالأحرى أن تسافر خارج البلد وتحل ضيفة على قصور الأمراء بدون محرم. وحتى الدول الغربية يمكنها الاستفادة من هذه الدروس، فنحن تعودنا على رؤية وزراء مرفقين بزوجاتهم في الزيارات الدبلوماسية، ولم يحدث أن رأينا زوجات وزراء حكومة أوربية يبادرن إلى تشكيل وفد نسائي لزيارة أمير دولة صديقة والنزول في قصره. وإذا كانت الزوجة في الدول الخليجية تعاني من ظلم القوانين التي وضعها الرجل، فإن الزوجة في المغرب تلعب دورا حاسما في المسار السياسي لبعض السياسيين وكبار أطر الجيش. وكل الرباطيين يتذكرون زوجة أحد الجنرالات التي كانت تتدخل في الشادة والفادة كلما «ضرب» زوجها «همزة» من وراء إحدى الصفقات، تحصل على «حلاوتها» قبل زوجها. إلى درجة أن صديقاتها من نساء المجتمع الرباطي المخملي كلما صادفنها في عرس بنادي الضباط وهي تضع ماركة جديدة من الحلي في عنقها أو حول معصمها، يتهامسن في آذان بعضهن البعض قائلات «شوفي على دبليج شحال غليض، هادا ما يكون غير مشري بالكوميسيون ديال شي مدفع». كما يتذكر الرباطيون جيدا اسم «الحاجة» التي كانت تحتكر بيع مناصب «الكومسيرات» ومناصب رجل الأمن في المباريات التي كانت تعلن عنها الإدارة العامة للأمن الوطني. وكل من أراد النجاح في «الكونكور» ما عليه سوى أن يشوف مع «الحاجة» زوجة أحد كبار المسؤولين الذين أسندت إليهم مسؤولية جديدة عملا بحكمة «زيد الشحمة فظهر المعلوف». ليس خافيا على أحد الدور المهم الذي باتت تلعبه بعض زوجات كبار العسكريين والسياسيين وحتى النقابيين في التأثير على اتخاذ القرار. فوراء كل عظيم امرأة كما يقولون. لكن في المغرب يمكن أن تعثر على بعض الفاشلين جالسين في المقدمة، وذلك بفضل زوجاتهم اللواتي يعرفن كيف ينفذن إلى جلسات نساء «هوانم غاردن سيتي» في الرباط والدار البيضاء، هناك حيث تحاك لوائح التعيينات والترشيحات للمناصب والمسؤوليات. وكما يقول المغاربة «ديرها فالرجال ونساها، وديرها فالعيالات واتسناها».

0 التعليقات:

إرسال تعليق