الشهادة الفخرية
لم يفت الملك في خطابه الأخير أن يشير إلى ضرورة القطع مع سياسة الامتيازات واقتصاد الريع، لأن هذا الاقتصاد يقتل المنافسة. وقبل يومين تحدث الوزير الأول عباس الفاسي أمام وزرائه في الاجتماع الحكومي الأخير حول عزم الحكومة على محاربة الامتيازات الممنوحة بدون وجه حق للعديد من المغاربة دون غيرهم.
وعندما كتب شاب مغربي من أكادير اسمه محمد الراجي في مدونته قائلا «يجب علينا أن نعترف بأن الذي أهلك بلدنا وأوصله إلى هذه الرتبة المخجلة التي يحتلها على الصعيد العالمي في كل المجالات هو اقتصاد الريع الذي ينتفع به المحظوظون دون غيرهم من أبناء وبنات الشعب»، كان جزاؤه حكما قاسيا بسنتين سجنا وغرامة قدرها 5000 درهم، لم يكلف القاضي النطق بها سوى دقائق معدودة.
فماذا قال الراجي حتى تحكم عليه المحكمة بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك. قال أن «الكريمات»، وهي جزء من اقتصاد الريع، «تساهم في خلق جيش من المتملقين الذين عوض أن يسعوا إلى كسب معيشتهم بعرق جبينهم يكسبونها برسائلهم التي يوجهونها للملك والتي يضمنونها عبارات المدح والإطراء غالبا ما تكون بلا مصداقية».
وماذا قال أيضا. قال «إننا كشعب لا نحتاج إلى من يشفق علينا بالهبات والإكراميات، وإنما نحن بحاجة إلى من يوزع بيننا ثروات الوطن بالتساوي».
هذا بشكل مركز هو ملخص المقالة التي استحق عليها الراجي سنتين من السجن. فهل قال شيئا جديدا. لا أعتقد. فآخرون غيره، خصوصا كتاب الافتتاحيات في الصحافة المستقلة، كتبوا ما هو أقوى مما كتبه الراجي ومع ذلك لم يتابعهم أحد بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك. حتى أن هناك من كتب حول راتب الملك وهواياته وحياة الأميرات وأسفارهن ومصاريفهن، أحيانا بكثير من الإثارة، دون أن تكون هناك متابعة قضائية في حق أي واحد منهم.
فلماذا تحركت الآلة القضائية بكل هذه السرعة والقسوة ضد شاب أعزل يعبر عن آرائه الشخصية في مدونته الخاصة. أعتقد أن هناك اليوم في المغرب توجها متزايدا في أوساط الشباب نحو التعبير الحر من خلال المدونات والصفحات الشخصية. وعندما نقوم بزيارة لبعض هذه الصفحات والمدونات نكتشف أن هؤلاء الشباب يتحدثون في كل المواضيع بدون طابوهات. ويعبرون عن آرائهم ومواقفهم السياسية بجرأة كبيرة، تتجاوز بكثير جرعات الجرأة المتوفرة في الصحافة المستقلة أو الإعلام العمومي.
لذلك فالمستهدف في نظري ليس الراجي وحده، وإنما كل المدونين المغاربة الشباب الذين اعتقدوا أن عيون الشرطة القضائية والعدالة المغربية غافلة عما يكتبون.
والرسالة واضحة، يمكن لهؤلاء الشباب أن يناقشوا مواضيع الجنس وأخبار المشاهير وآخر طريقة في أداء رقصة «التيكتونيك»، لكن عندما يتعلق الأمر بالمواضيع السياسية الحساسة كتوزيع الرخص والهبات وتشجيع اقتصاد الريع، فإن النتيجة معروفة.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس محمد الراجي لأنه عبر عن رأيه، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه في الأسلوب الذي عبر به، وإنما الكولونيل التريكي الذي زور محضرا رسميا في حادثة سير مات فيها مواطن مغربي، وأرسله صهره الجنرال حسني بنسليمان إلى بيته لكي يستريح. عوض أن يرسله، كما يصنع كل يوم مع رجال الدرك، إلى المحكمة العسكرية لكي يأخذ الجزاء الذي يستحق في حالة ثبوت جريمة التزوير ضده.
إن الذي يجب أن يقف أمام القضاء ليس هو محمد الراجي، الذي كل ذنبه أنه صدق ما يقال حول رغبة الدولة في القضاء على اقتصاد الريع وكتب مقالة ينتقد فيها هذا الاقتصاد، وإنما عامل إقليم خنيفرة الذي أقيل من مهامه وصدر أمر بمصادرة ممتلكاته. إن الذي يجب أن يصدر هذا الأمر هو العدالة ولا أحد غيرها. وقبل أن يصدر أمر بمصادرة أمواله أو أموال أي مسؤول آخر فيجب أن يتمتع بحقه في الوقوف أمام هيئة قضائية مستقلة وعادلة، وأن يكون مؤازرا بدفاعه. وبعد ذلك إذا قررت المحكمة الموقرة أن تتم مصادرة ممتلكاته فلتصادرها. لكن سيعرف العامل والرأي العام معه نوع الجريمة التي بمقتضاها تمت مصادرة ممتلكاته. وليس هذا فقط، سيسمع العامل السابق والرأي العام معه الحكم الذي ستصدره المحكمة في حقه. فليس من المعقول أن تتم إقالة ممثل الملك في مدينة ما بسبب سوء تدبيره لأموال الدولة، ثم تصادر ممتلكاته بدون حكم قضائي ولا تصدر في حقه عقوبة حبسية تعادل الأخطاء التي اقترفها في حق المال العام والمواطنين.
في الدول الديمقراطية القانون يوجد فوق الجميع، والعدالة وحدها لديها الحق في معاقبة المفسدين واللصوص ومبددي المال العام.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس محمد الراجي الذي انتقد توزيع الحريرة على جائعي هذا الوطن، بدل توزيع ثروات البلاد عليهم بالعدل حتى يستفيد جميع المغاربة من ثروات بلدهم، وإنما أولئك المسؤولون الذي أعطوا الأوامر لرجالهم لتعذيب مواطنين في سيدي إفني في الشارع العام، وضربهم ورفسهم وركلهم كما لو أنهم صراصير تافهة. لقد وعد الناطق الرسمي باسم الحكومة قبل عشرين يوما بأن الدولة ستحقق في هذه الجريمة وأنها ستعاقب كل من تثبت في حقه جريمة تعذيب المواطنين. وإلى اليوم لم نسمع أن أحد رجال الجنرال العنيكري أو الشرقي أضريس وقفوا أمام القضاء للإجابة عن سؤال واحد «لماذا كل هذه الوحشية والهمجية ضد مواطنين عزل». وبالقابل رأينا كيف يسارع الأمن إلى استدعاء شاب لمجرد أنه كتب مقالا عبر فيه بحرية عن رأيه، ثم رأينا كيف سارع القضاء إلى الحكم عليه بسنتين سجنا دون احترام لشروط المحاكمة العادلة والتي أحد أهم عناصرها حضور المتهم مؤازرا بهيئة دفاعه.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس هو محمد الراجي الذي انتقد حصول بعض الفنانين المحظوظين على رخص النقل التي تدر عليهم الملايين كل شهر، وحصول بعض الرياضيين على الضيعات الفلاحية كالكروج الذي حصل على ضيعات شاسعة في بركان. وإنما الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء هم أولئك المسؤولون العسكريون الذين فضحهم الجالطي وجمال الزعيم ومصطفى أديب، وصوروا عملية اختلاسهم للبنزين بالصوت والصورة وأرسلوها إلى من يهمهم الأمر. وفي الأخير تم رمي هؤلاء العسكريين الشرفاء في السجن، بعد أن وزعت عليهم سنوات محترمة، فيما تم توزيع الترقيات والإكراميات على لصوص البنزين الذي يدفع الشعب ثمنه من خبزه اليومي.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس محمد الراجي الذي انتقد تشجيع ثقافة الاتكال ونشر «السعاية»، وإنما الجنرالان عرشان ووتوبان اللذان أعفاهما الملك من إدارة المستشفى العسكري بالرباط. يجب أن يعرف الرأي العام سبب هذا الإعفاء وأن يقدما الحساب أمام المحكمة العسكرية إذا كانا قد تسببا في تبديد ميزانية المستشفى العسكري التي تخرج من جيوب دافعي الضرائب.
إن سياسية «اذهب فأنت حر طليق» والتي تسهر الدولة على تطبيقها كلما تورط مسؤول كبير في الفساد المالي أو السياسي، هي أحد أسباب انهيار الأمن القضائي الذي تحدث عنه الملك في خطابه الأخير.
ليست هناك دولة ديمقراطية واحدة يذهب فيها الجنرالات والكولونيلات والعمال وكبار المسؤولين إلى بيوتهم آمنين مطمئنين كلما تورطوا في فضيحة أو جريمة.
إن العدالة لا تستحق أن تسمى عدالة إلا إذا كانت قادرة على إخضاع الجميع أمام سلطتها. أما أن تغلق العدالة عينيها عن هؤلاء الكبار وعن جرائمهم ومخالفاتهم، لكي تفتحهما فجأة على شاب مغربي من مواليد المسيرة الخضراء، وترسله إلى السجن لسنتين لمجرد أنه كتب مقالة رأي عبر فيها بحرية عن موقفه من الهبات والإكراميات والرخص التي يمنحها الملك لمواطنيه، فهذه ليست عدالة وإنما مجرد انتقام.
شخصيا لا أعرف من يكون المواطن محمد الراجي، وعندما بحثت في مدونته لكي أعرف عنه أكثر، بعد الحكم القاسي الذي صدر في حقه، عثرت على الجملة التالية «أنا شاب مغربي، لا يستطيع التنازل عن مبادئه مهما كان الثمن، الشهادات التي أملكها هي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، إضافة إلى شهادة الميلاد. هذا كل شيء».
«اليوم بفضل الحكم الذي صدر في حقك ستصبح لديك شهادة أخرى بوسعك أن تفتخر بها، وهي شهادة أول مدون مغربي يدخل السجن بسبب آرائه».
وهي شهادة لا يمكن للعدالة المغربية أن تفتخر بها للأسف.
وعندما كتب شاب مغربي من أكادير اسمه محمد الراجي في مدونته قائلا «يجب علينا أن نعترف بأن الذي أهلك بلدنا وأوصله إلى هذه الرتبة المخجلة التي يحتلها على الصعيد العالمي في كل المجالات هو اقتصاد الريع الذي ينتفع به المحظوظون دون غيرهم من أبناء وبنات الشعب»، كان جزاؤه حكما قاسيا بسنتين سجنا وغرامة قدرها 5000 درهم، لم يكلف القاضي النطق بها سوى دقائق معدودة.
فماذا قال الراجي حتى تحكم عليه المحكمة بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك. قال أن «الكريمات»، وهي جزء من اقتصاد الريع، «تساهم في خلق جيش من المتملقين الذين عوض أن يسعوا إلى كسب معيشتهم بعرق جبينهم يكسبونها برسائلهم التي يوجهونها للملك والتي يضمنونها عبارات المدح والإطراء غالبا ما تكون بلا مصداقية».
وماذا قال أيضا. قال «إننا كشعب لا نحتاج إلى من يشفق علينا بالهبات والإكراميات، وإنما نحن بحاجة إلى من يوزع بيننا ثروات الوطن بالتساوي».
هذا بشكل مركز هو ملخص المقالة التي استحق عليها الراجي سنتين من السجن. فهل قال شيئا جديدا. لا أعتقد. فآخرون غيره، خصوصا كتاب الافتتاحيات في الصحافة المستقلة، كتبوا ما هو أقوى مما كتبه الراجي ومع ذلك لم يتابعهم أحد بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك. حتى أن هناك من كتب حول راتب الملك وهواياته وحياة الأميرات وأسفارهن ومصاريفهن، أحيانا بكثير من الإثارة، دون أن تكون هناك متابعة قضائية في حق أي واحد منهم.
فلماذا تحركت الآلة القضائية بكل هذه السرعة والقسوة ضد شاب أعزل يعبر عن آرائه الشخصية في مدونته الخاصة. أعتقد أن هناك اليوم في المغرب توجها متزايدا في أوساط الشباب نحو التعبير الحر من خلال المدونات والصفحات الشخصية. وعندما نقوم بزيارة لبعض هذه الصفحات والمدونات نكتشف أن هؤلاء الشباب يتحدثون في كل المواضيع بدون طابوهات. ويعبرون عن آرائهم ومواقفهم السياسية بجرأة كبيرة، تتجاوز بكثير جرعات الجرأة المتوفرة في الصحافة المستقلة أو الإعلام العمومي.
لذلك فالمستهدف في نظري ليس الراجي وحده، وإنما كل المدونين المغاربة الشباب الذين اعتقدوا أن عيون الشرطة القضائية والعدالة المغربية غافلة عما يكتبون.
والرسالة واضحة، يمكن لهؤلاء الشباب أن يناقشوا مواضيع الجنس وأخبار المشاهير وآخر طريقة في أداء رقصة «التيكتونيك»، لكن عندما يتعلق الأمر بالمواضيع السياسية الحساسة كتوزيع الرخص والهبات وتشجيع اقتصاد الريع، فإن النتيجة معروفة.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس محمد الراجي لأنه عبر عن رأيه، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه في الأسلوب الذي عبر به، وإنما الكولونيل التريكي الذي زور محضرا رسميا في حادثة سير مات فيها مواطن مغربي، وأرسله صهره الجنرال حسني بنسليمان إلى بيته لكي يستريح. عوض أن يرسله، كما يصنع كل يوم مع رجال الدرك، إلى المحكمة العسكرية لكي يأخذ الجزاء الذي يستحق في حالة ثبوت جريمة التزوير ضده.
إن الذي يجب أن يقف أمام القضاء ليس هو محمد الراجي، الذي كل ذنبه أنه صدق ما يقال حول رغبة الدولة في القضاء على اقتصاد الريع وكتب مقالة ينتقد فيها هذا الاقتصاد، وإنما عامل إقليم خنيفرة الذي أقيل من مهامه وصدر أمر بمصادرة ممتلكاته. إن الذي يجب أن يصدر هذا الأمر هو العدالة ولا أحد غيرها. وقبل أن يصدر أمر بمصادرة أمواله أو أموال أي مسؤول آخر فيجب أن يتمتع بحقه في الوقوف أمام هيئة قضائية مستقلة وعادلة، وأن يكون مؤازرا بدفاعه. وبعد ذلك إذا قررت المحكمة الموقرة أن تتم مصادرة ممتلكاته فلتصادرها. لكن سيعرف العامل والرأي العام معه نوع الجريمة التي بمقتضاها تمت مصادرة ممتلكاته. وليس هذا فقط، سيسمع العامل السابق والرأي العام معه الحكم الذي ستصدره المحكمة في حقه. فليس من المعقول أن تتم إقالة ممثل الملك في مدينة ما بسبب سوء تدبيره لأموال الدولة، ثم تصادر ممتلكاته بدون حكم قضائي ولا تصدر في حقه عقوبة حبسية تعادل الأخطاء التي اقترفها في حق المال العام والمواطنين.
في الدول الديمقراطية القانون يوجد فوق الجميع، والعدالة وحدها لديها الحق في معاقبة المفسدين واللصوص ومبددي المال العام.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس محمد الراجي الذي انتقد توزيع الحريرة على جائعي هذا الوطن، بدل توزيع ثروات البلاد عليهم بالعدل حتى يستفيد جميع المغاربة من ثروات بلدهم، وإنما أولئك المسؤولون الذي أعطوا الأوامر لرجالهم لتعذيب مواطنين في سيدي إفني في الشارع العام، وضربهم ورفسهم وركلهم كما لو أنهم صراصير تافهة. لقد وعد الناطق الرسمي باسم الحكومة قبل عشرين يوما بأن الدولة ستحقق في هذه الجريمة وأنها ستعاقب كل من تثبت في حقه جريمة تعذيب المواطنين. وإلى اليوم لم نسمع أن أحد رجال الجنرال العنيكري أو الشرقي أضريس وقفوا أمام القضاء للإجابة عن سؤال واحد «لماذا كل هذه الوحشية والهمجية ضد مواطنين عزل». وبالقابل رأينا كيف يسارع الأمن إلى استدعاء شاب لمجرد أنه كتب مقالا عبر فيه بحرية عن رأيه، ثم رأينا كيف سارع القضاء إلى الحكم عليه بسنتين سجنا دون احترام لشروط المحاكمة العادلة والتي أحد أهم عناصرها حضور المتهم مؤازرا بهيئة دفاعه.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس هو محمد الراجي الذي انتقد حصول بعض الفنانين المحظوظين على رخص النقل التي تدر عليهم الملايين كل شهر، وحصول بعض الرياضيين على الضيعات الفلاحية كالكروج الذي حصل على ضيعات شاسعة في بركان. وإنما الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء هم أولئك المسؤولون العسكريون الذين فضحهم الجالطي وجمال الزعيم ومصطفى أديب، وصوروا عملية اختلاسهم للبنزين بالصوت والصورة وأرسلوها إلى من يهمهم الأمر. وفي الأخير تم رمي هؤلاء العسكريين الشرفاء في السجن، بعد أن وزعت عليهم سنوات محترمة، فيما تم توزيع الترقيات والإكراميات على لصوص البنزين الذي يدفع الشعب ثمنه من خبزه اليومي.
إن الذي كان يجب أن يقف أمام القضاء ليس محمد الراجي الذي انتقد تشجيع ثقافة الاتكال ونشر «السعاية»، وإنما الجنرالان عرشان ووتوبان اللذان أعفاهما الملك من إدارة المستشفى العسكري بالرباط. يجب أن يعرف الرأي العام سبب هذا الإعفاء وأن يقدما الحساب أمام المحكمة العسكرية إذا كانا قد تسببا في تبديد ميزانية المستشفى العسكري التي تخرج من جيوب دافعي الضرائب.
إن سياسية «اذهب فأنت حر طليق» والتي تسهر الدولة على تطبيقها كلما تورط مسؤول كبير في الفساد المالي أو السياسي، هي أحد أسباب انهيار الأمن القضائي الذي تحدث عنه الملك في خطابه الأخير.
ليست هناك دولة ديمقراطية واحدة يذهب فيها الجنرالات والكولونيلات والعمال وكبار المسؤولين إلى بيوتهم آمنين مطمئنين كلما تورطوا في فضيحة أو جريمة.
إن العدالة لا تستحق أن تسمى عدالة إلا إذا كانت قادرة على إخضاع الجميع أمام سلطتها. أما أن تغلق العدالة عينيها عن هؤلاء الكبار وعن جرائمهم ومخالفاتهم، لكي تفتحهما فجأة على شاب مغربي من مواليد المسيرة الخضراء، وترسله إلى السجن لسنتين لمجرد أنه كتب مقالة رأي عبر فيها بحرية عن موقفه من الهبات والإكراميات والرخص التي يمنحها الملك لمواطنيه، فهذه ليست عدالة وإنما مجرد انتقام.
شخصيا لا أعرف من يكون المواطن محمد الراجي، وعندما بحثت في مدونته لكي أعرف عنه أكثر، بعد الحكم القاسي الذي صدر في حقه، عثرت على الجملة التالية «أنا شاب مغربي، لا يستطيع التنازل عن مبادئه مهما كان الثمن، الشهادات التي أملكها هي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، إضافة إلى شهادة الميلاد. هذا كل شيء».
«اليوم بفضل الحكم الذي صدر في حقك ستصبح لديك شهادة أخرى بوسعك أن تفتخر بها، وهي شهادة أول مدون مغربي يدخل السجن بسبب آرائه».
وهي شهادة لا يمكن للعدالة المغربية أن تفتخر بها للأسف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق